تشریح:
۱؎: یہ جابر رضی اللہ عنہ کا اپنا خیال ہے، اعتبار مرفوع روایت کا ہے نہ کہ کسی صحابی کی ایسی رائے کا جس کے مقابلے میں دوسرے صحابہ کی آراء موجود ہیں وہ آراء حدیث کے ظاہرمعنی کے مطابق بھی ہیں۔
الحکم التفصیلی:
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن ") .
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أُكَيْمَةَ الليْثِيِّ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أكيمة - واسمه عمارة، وقيل: عمار، وقيل غير ذلك- وهو ثقة، ولو لم يرو عنه غير الزهري؛ فقد قال أبو حاتم: " صحيح الحديث، حديثه مقبول " (1) . وقال يحيى بن سعيد:
(1) كذا في كتاب ابنه (3/362) . وفي "التهذيب ": " صالح الحديث مقبول ". " ثقة ". وقال ابن معين: " كفاك قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب "؛ يعني: الرواية الثانية في الكتاب.
قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة لابن أكيمة مقدم على تجهيل من جهله؛ لأن من وثقه معه من العلم ما ليس عند من جَهله. ولذلك جزم الحافظ في "التقريب " بأنه:
"ثقة". فلا التفات بعد ذلك إلى إعلال من أعل الحديث بالجهالة، كما فعل البيهقي، وهو معارض بتصحيح وتحسين غيره كما يأتي!والحديث في "موطأ مالك " (1/108) ... بهذا السند واللفظ. وقد أخرجه من طريقه: البخاري في "جزء القراءة " (ص 24 و 56- 57) ، والنسائي (1/146) ، والترمذي (2/118- 119) ، والطحاوي (1/127- 128) ،
وابن حبان (454) ، والبيهقي (2/157) ، وأحمد (2/301- 302) كلهم عن مالك... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". وقال المصنف عقبه:" روى حديث ابن أكيمة هذا: معمر، ويونس، وأسامة بن زيد: عن الزهري... على معنى مالك ".
قلت: حديث معمر؛ وصله أحمد (2/284) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري... به. ووصله ابن ماجه (1/276) من طريق عبد الأعلى: ثنا معمر... به، إلا أنه
قال: فسكتوا- بعد- فيما جهر فيه الإمام. وحديث يونس؛ وصله البخاري في "جزئه ": ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا الليث قال: ثني يونس عن ابن شهاب... به؛ وزاد- بعد قوله: فيما جهر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وفرأوا في أنفسهم سرّاً فيما لا يجهر فيه الإمام. وأما حديث أسامة بن زيد؛ فلم أقف الآن على من وصله! وبالجملة؛ فقد اتفق الإمام مالك ومعمر ويونس وأسامة على سياق الحديث
بهذا التمام؛ على اختلاف فيه على معمر، يأتي بيانه في الكلام على الرواية الآتية في الكتاب. وخالفهم آخرون؛ فلم يذكروا قوله في آخره: قال: فانتهى الناس عن القراءة...
وبعضهم جعلها من قول الزهري. وبعضهم من قول معمر.
وفي رواية عنه قال: (*) صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة- نظن أنها الصبح-... بمعناه إلى قوله: " ما لي أُنازَع القرآن ". قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهربه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،!... وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة: (*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله- دون رقم، ولعله تعمد ذلك. (الناشر) فانتهى الناس... وقال عبد الله بن محمد الزهري- من بينهم-: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها! فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس. (إسناده صحيح؛ وقوله: فانتهى الناس... هو موصول أيضا من قول أبي هريرة. وقول من قال: قال معمر، أو: قال الزهري... إنما يعني: بإسناده المتصل لهذا الحديث إلى أبي هريرة. وإنما خص الراوي- وهو سفيان بن عيينة- معمراً أو الزهري بالذكر؛ لأنه لم يسمعه منه الزهري مباشرة كما سمع أصل الحديث؛ وإنما سمعه من معمر، وهذا عن الزهري حفظ عنه الأصل والزيادة، ولم يحفظها عنه سفيان، فرواها عن معمر؛ يعني بسند الأصل. وتوضيح ذلك فيما يأتي) . إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيُ ومحمد بن أحمد بن أُبيّ بن خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السَرْح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري:
سمعت ابن أكيمة يحذث سعيد بن المسيب قال: سمعت أبا هريرة يقول...
قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله؛ لكنهم اختلفوا في قوله في آخره: فانتهى الناس... هل هو من قول أبي هريرة؛ أم ممن دونه؟ وبعضهم لم يذكره أصلاً، مثل سفيان؛ فإنه لم يسمعها، كما صرحت بذلك رواية عبد الله للزهري.
ويشهد لها رواية أحمد قال (2/240) : ثنا سفيان عن الزهري... فذكره بلى قوله: " ما لي أنازع القرآن؟! ". قال معمر: عن الزهري: فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال سفيان: خفيت علي هذه الكلمة. وأخرجه البيهقي من طريق علي بن المديني: ثنا سفيان: ثنا الزهري- حفظته من فيه- قال: سمعت ابن أكيمة... فذكره إلى القول المذكور. قال علي بن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا. وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس عن القراعة فيما جهر فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال علي: قال لي سفيان يوماً: فنظرت في شيء عندي؛ فإذا هو: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح بلا شك.
وأخرجه ابن ماجه والحازمي في "الاعتبار" (ص 72- 73) من طرق أخرى عن سفيان... به إلى قوله: " ما لي أنارع القرآن "؛ دون قوله: قال معمر... إلخ. وقال المصنف عقب الحديث: " قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله: " ما لي أنازع القرآن ". ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري:
قاتعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرأون قيما يجهر به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو داود: سمعت
محمد بن يحيى بن قارس قال: قوله: فانتهى الناس... من كلام الزهري "! وفيه أمور تحتاج إلى بيان أهمها آخرها فأقول: أولاً: رواية عبد الرحمن بن إسحاق؛ وصلها الإمام أحمد (2/487) : ثنا إسماعيل قال: أنا عبد الرحمن بن إسحاق... به. وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب... به.
أخرجه أحمد (2/285) : ثنا محمد بن بكر: أنا ابن جريج.
ثانياً: رواية الأوزاعي؛ أخرجها الطحاوي (1/128) ، وابن حبان (455) ، والبيهقي (2/158) من طريقين عنه: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول... فذكره! هكذا قال الأوزاعي: عن سعيد بن المسيب... خلافاً لجميع الرواة عن الزهري كما رأيت. ولذلك قال البيهقي عقبه: " الصواب ما رواه ابن عينية عن الزهري قال: سمعت ابن أُكَيْمَةَ يحدث سعيد بن المسيب. وكذلك قال يونس بن يزيد الأيلي ".
قلت: وفي رواية لابن حبان (456) من طرق الوليد- وهو ابن مسلم- عن الأوزاعي عمن سمع أبا هريرة.
فهذا مما يؤكد أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث جيداً، فمرة قال: عن سعيد، ومرة قال: عمن سمع؛ لم ئسَفه.
ثالثاً: قول ابن قارس: " (فانتهى الناس) من كلام الزهري "!
قلت: وكذلك قال البخاري في "جزء المراءة" (24) ؛ قال:
" وقد بينه لي الحسن بن صَبَّاح قال: ثنا مُبَشئرٌ عن الأوزاعي: قال الزهري: قاتعط المسلمون بذلك... "!
وعلى ذلك جرى جماعة من العلماء، سمَّاهم الحافظ في "التلخيص " (1/231) . والعجب من البيهقي؛ حيث قال- عقب رواية الأوزاعي السابقة-:"حفظ الأوزاعي كون هذا الكلام من قول الزهري؛ ففصله عن الحديث؛ إلا
أنه لم يحفظ إسناده. والصواب ما رواه ابن عيينة... " إلخ كلامه المتقدم! فكيف يحتج برواية من ثَبَتَ أنه أخطأ في بعضها: على أنه حفظ البعض الأخر؟! لا سيما وهو مخالف في هذا البعض لمن هو أحفظ منه في الزهري وأكثر
عدداً؟! ألا وهو الإمام مالك ومن معه، كما سبق بيانه في الرواية الأولى عند المصنف رحمه الله تعالى؛ فإن كل أولئك جعلوا هذه الكلمة الأخيرة من أصل الحديث، من قول أبي هريرة؛ لا من قول الزهري ولا من قول معمر! بل إن رواية
سفيان عند المصنف من طريق ابن السرح عنه عن معمر صريحة في ذلك، قال معمر: عن الزهري: قال أبو هريرة: قانتهى الناس... ولا ينافي هذا التصريحَ قولُ مسدد في حديثه التقدم عند المصنف: قال معمر: فانتهى...؛ لأن هذا القول إنما هو من سفيان؛ بدليل صريح رواية عبد الله
ابن محمد الزهري؛ فإنه قال: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس...
فقوله: فقال؛ إنما هو من قول سفيان. وقول معمر: إنه قال؛ يعني: الزهري؛ كما هو واضح، بل هو صريح في رواية أحمد المتقدمة عن سفيان؛ فإن فيها قول سفيان: قال معمر عن الزهري: قانتهى الناس... قال سفيان: خفيت عليّ هذه الكلمة. ومثلها رواية البيهقي عن ابن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا، وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس... ويتلخص من مجموع الروايات عن سفيان في هذا الحديث: أنه كان مع معمر
في المجلس الذي حدث الزهري بهذا الحديث، وأنه لم يسمع منه قوله في آخره فانتهى الناس... فلم يحفظه عنه، ولكنه استفاده من معمر في هذا المجلس أو في
غيره، فكان سفيان إذا روى الحديث بين هذه الحقيقة، ويعزو هذه الزيادة إلى معمر. واختلف الرواة عنه في التعبير عنها: فمنهم من يقول عنه: قال معمر: فانتهى
الناس. ومنهم من يقول: قال معمر: قال الزهري. ومنهم من يقول: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة. وهذا اختلاف شكلي، والمؤدي واحد؛ فإنهم يعنون جميعاً أن سفيان قال: قال معمر في هذا الحديث الذي رواه عن الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة تلك الزيادة التي لم أسمعها من الزهري. فمن عزاها إلى قول معمر؛ فهو صادق، ويعني: بإسناده عن الزهري. ومن عزاها للزهري فكذلك.
والنتيجة واحدة، وهي: أن هذه الزيادة من قول أبي هريرة؛ حفظها معمر عن الزهري، وهو بإسناده عن أبي هريرة.
ومما يؤكد ما قلنا: أن الحديث رواه غير سفيان عن معمر... مثل رواية مالك عن الزهري فيها الزيادة من أصل الرواية، لم تنسب للزهري ولا لمعمر؛ لأنها من أصل الحديث في روايته. فثبت بذلك أن هذه الزيادة هي من أصل الحديث في رواية معمر؛ وكأنه لذلك- ولوضوح الأمر- لم يحتجَّ بها البخاري والبيهقي على أنها من قول الزهري؛
وإنما احتخا برواية الأوزاعي المتقدمة! وفيها ما سبق بيانه من أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث، فلا ينبغي أن يحتج بما تفرَّد به فيه؛ لا سيَّما وقد خالف مالكاً ويونس بن
يزيد وأسامة بن زيد- كما تقدم- ومعمراً أيضا: الذين جعلوا هذه الزيادة من أصل الحديث من قول أبي هريرة؛ فثبت بذلك أنها زيادة صحيحة غير مدرجة، وهو
الذي اختاره ابن القيم في "تهذيب السنن " (1/392) ، وحققه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على " المسند" (12/260- 264) ، وأطال في ذلك جزاه الله خيراً.