تشریح:
وضاحت:
نوٹ: (اس روایت میں ابوحمزہ سکری سے وہم ہواہے، دیگرتمام ثقات نے «عن ابن أبي ملیکة، عن النبي ﷺ» مرسلاً» روایت کی ہے، نیز یہ ابن عباس رضی اللہ عنہما کی دوسری صحیح روایت کے خلاف بھی ہے ، دیکھئے: الضعیفة رقم: ۱۰۰۹)
الحکم التفصیلی:
قلت : واسم أبي حمزة محمد بن ميمون، وهو ثقة فاضل محتج به في " الصحيحين " كما في " التقريب "، لكن فيه كلام يسير، فقال النسائي :
" لا بأس به إلا أنه كان قد فقد بصره في آخر عمره، فمن كتب عنه قبل ذلك
فحديثه جيد ".
وذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط كما في " التهذيب "، وقال أبو حاتم :
" لا يحتج به " كما في " الميزان ".
قلت : فمثله يحتج به إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف، وأما مع المخالفة فلا، فإذ قد خالف في هذا الحديث فزاد في السند ابن عباس ووصله خلافا للثقات الآخرين الذين أرسلوه، دل ذلك على وهمه كما جزم به الدارقطني، وأشار إليه الترمذي، وأن الصواب في الحديث أنه مرسل، فهو على ذلك ضعيف لا يحتج به.
وقد روي عن أبي حمزة على وجه آخر، رواه البيهقي من طريق عبدان عنه عن محمد بن عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. وقال :
" ومحمد هذا هو العرزمي، متروك الحديث. وقد روي بإسناد آخر ضعيف عن ابن عباس موصولا ".
ثم ساقه باللفظ الآتي عقب هذا، وقد أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 281/2 ) عن أبي حمزة عن العرزمي به، وقال :
" لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير أبي حمزة. وقوله : " والشفعة في كل شيء " منكر. ومحمد بن عبيد الله العرزمي عامة رواياته غير محفوظة ".
قلت : ومما يؤيد نكارة هذا الحديث عن ابن عباس أن الطحاوي روى ( 2/269 ) من طريق معن بن عيسى عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال :
" لا شفعة في الحيوان ".
احتج به الطحاوي على أن قوله في حديث الباب : " الشفعة في كل شيء "، ليس على عمومه يشمل الحيوان وغيره. قال :
" وإنما معناه الشفعة في الدور والعقار والأرضين، والدليل على ذلك ما قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، حدثنا أحمد بن داود قال : حدثنا يعقوب قال :
حدثنا معن بن عيسى... ".
قلت : وإسناد هذا الموقوف جيد، رجاله كلهم ثقات معروفون، غير أحمد بن داود هذا وهو ابن موسى الدوسي أبو عبد الله وثقه ابن يونس كما في " كشف الأستار " عن " المغاني ".
والحديث قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" رواه البيهقي، ورجاله ثقات، إلا أنه أعل بالإرسال، وأخرج له الطحاوي شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته ".
ونقله هكذا الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5/283 ) ولكنه - كما هي عادته - لم يعزه إلى الحافظ ! وكذلك صنع صديق خان في " الروضة الندية " ( 2/127 ) إلا أنه وقع عنده بلفظ " بإسناد لا بأس به ". بدل " لا بأس برواته " وشتان ما بين العبارتين، فإن الأولى نص في تقوية الإسناد، بخلاف الأخرى، فإنها نص في تقوية رواته، ولا تلازم بين الأمرين، كما لا يخفى على الخبير بعلم مصطلح الحديث، وذلك لأن للحديث، أوالإسناد الصحيح شروطا أربعة : عدالة الرواة وضبطهم، واتصاله، وسلامته من شذوذ أوعلة، فإذا قال المحدث في سند ما :
" رجاله لا بأس بهم " أوثقات " أو" رجال الصحيح "، ونحو ذلك، فهو نص في تحقق الشرط الأول فيه، وأما الشروط الأخرى فمسكوت عنها، وإنما يفعل ذلك بعض المحدثين في الغالب لعدم علمه بتوفر هذه الشروط الأخرى فيه، أو لعلمه بتخلف أحدها، مثل السلامة من الانقطاع أوالتدليس أونحوذلك من العلل المانعة من إطلاق القول بصحته (1)، وهذا هو حال إسناد هذا الشاهد، فإن فيه علة لا تسمح بتصحيحه مع كون رجاله ثقاتا، فإنه عند الطحاوي ( 2/369 ) من طريق يوسف بن عدي قال : حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء ".
فأول علة تبدو للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج، فإنه كان يدلس بشهادة غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، بل قال الدارقطني : " تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس
(1) وراجع لزيادة البيان مقدمتي لكتابي " صحيح الترغيب والترهيب "، و" ضعيف الترغيب ". اهـ.
إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما " ووصفه بالتدليس الذهبي والعسقلاني وغيرهما.
على أنه يمكن للباحث في طرق هذا الحديث أن يكشف عن علة أخرى في هذا السند، وذلك أن جماعة من الثقات الأثبات رووه عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به، بلفظ :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم، ربعة أوحائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع فلم يؤذنه فهو أحق به ".
أخرجه مسلم ( 5/57 ) والنسائي ( 2/234 ) والدارمي ( 2/273 - 274 ) والطحاوي ( 2/265 ) وابن الجارود ( رقم 642 ) والدارقطني ( 520 ) والبيهقي ( 6/101 ) كلهم عن الجماعة به.
وقد صرح ابن جريج بالسماع من أبي الزبير، وهذا من جابر في رواية الطحاوي، وهو رواية لمسلم. فهذا هو المحفوظ عن ابن إدريس عن ابن جريج، إنما هو عن أبي الزبير ليس عن عطاء.
وقد تابعه إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن علية - عن ابن جريج به.
أخرجه النسائي ( 2/229 ) وصرح عنده ابن جريج بالتحديث وأحمد ( 3/316 ) وعنه أبو داود ( 2/256 ) والبيهقي.
ومن الملاحظ في هذا اللفظ أن طرفه الأول موافق تماما لرواية يوسف بن عدي عن ابن جريج المتقدمة ؛ إلا في حرف واحد وهو قوله : " في كل شرك "، فإن لفظه في الرواية المشار إليها " في كل شيء "، فأخشى أن يكون تصحف على بعض رواتها.
ويؤيده تمام الحديث في الرواية المحفوظة " لم يقسم... " فإنه يدل على أن الحديث ليس فيه هذا العموم الذي أفادته تلك الرواية، بل يدل على أنه خاص بغير المنقول من دار أوبستان أوأرض، قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" وقد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع، وصدره يشعر بثبوتها في المنقولات، وسياقه يشعر باختصاصها بالعقار، وبما فيه العقار ".
فثبت مما تقدم أن هذا الشاهد عن جابر لا يصلح شاهدا لحديث ابن عباس لثبوت خطأ الراوي في قوله : " شيء " بدل : " شرك "، فهو شاذ، ومقابله هو المحفوظ.
على أنه يمكن أن يقال : لوسلمنا جدلا بأن هذا اللفظ محفوظ، فإن مما لا شك فيه أنه مختصر من الرواية المحفوظة كما تقدم، فلابد أن يضم إليه تمام الحديث الذي رواه الثقات، وعند ذلك يتبين أن عموم هذا اللفظ ليس بمراد، وأن اختصار الحديث من الراوي اختصار مخل بالمعنى.
ويؤيد ذلك أن الحديث ورد من طريق أخرى عن جابر بهذا التمام، فقال أحمد : ( 3/296 ) :
حدثنا عبد الرزاق : أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال :
إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود ( 2/256 ) وعنه البيهقي ( 6/102 - 103 ) ثم أخرجه هذا من طريق أخرى عن عبد الرزاق به، إلا أنه قال : " كل ما لم يقسم ".
وهكذا وقع عند أبي داود من طريق أحمد، ويرجح هذا أن البخاري أخرجه من طريق عبد الواحد بن زياد عن معمر به، لكن وقع في مكان آخر عند البخاري من هذا الوجه ( 4/323 ) بلفظ : " كل مال " مثل رواية أحمد، إلا أن كلام الحافظ في شرحه يشعر بأن اللفظ إنما هو باللفظ الذي قبله " كل ما لم يقسم " فالظاهر أن خلافه خطأ على عبد الواحد من بعض الرواة أوالنساخ، نعم أخرجه البخاري من طريق أخرى عن عبد الرزاق بلفظ أحمد، " كل مال " ورجح الحافظ هذا اللفظ بأن إسحاق بن راهويه قد رواه عن عبد الرزاق بلفظ " قضى بالشفعة في الأموال ما لم تقسم "، والله أعلم.
فلوأن بعض الرواة اقتصر من هذا الحديث على قوله : " قضى بالشفعة في الأموال " لأوهم العموم الذي أوهمته رواية الطحاوي الشاذة، فالحمد لله الذي حفظ لنا أحاديث نبينا
كاملة غير منقوصة، وجعلها بيانا للقرآن وألزمنا العمل بها كما ألزمنا العمل به.
تنبيه : عرفت مما سبق ضعف حديث ابن عباس وشاهده من حديث جابر، فلا تغتر بما يدل عليه كلام الصنعاني في " سبل السلام " من الميل إلى تصحيحه، بعد أن عرفت الحق فيه، لا سيما وهو قد اغتر بقول الحافظ في حديث جابر في " البلوغ " : " ورجاله ثقات "، فإنه مثل قوله في " الفتح " كما تقدم : " لا بأس برواته "، وقد سبق تفصيل الكلام في المراد بمثل هذا القول، وأنه لا يستلزم الصحة، فلا يفيد إعادة الكلام فيه، وإنما الغرض الآن أن الصنعاني قد خلط عجيبا في كلامه على حديث ابن عباس هذا، فإنه قال عقب حديث جابر عند الطحاوي :
ومثله عن ابن عباس عند الترمذي مرفوعا : الشفعة في كل شيء، وإن قيل : إن رفعه خطأ، فقد ثبت إرساله عن ابن عباس، وهو شاهد لرفعه، على أن مرسل الصحابي إذا صحت عنه الرواية حجة، هكذا قال ! وقد علمت أن الخلاف ليس في رفعه ووقفه، وإنما في إرساله ووصله، فكأنه أطلق على الوصل الرفع، فلئن كان ذلك، فما معنى قوله : ثبت إرساله عن ابن عباس، على أن مرسل الصحابي حجة.. لا شك أن هذا كلام مضطرب لا يتحصل منه على شيء !
وأما اللفظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه فهو :