تشریح:
ویسے تو اذان قبلہ رخ کہی جاتی ہے مگر [حيَّ على الصلاةِ] کہتے وقت منہ دائیں طرف اور [حيَّ على الفلاحِ] کہتے وقت منہ بائیں طرف کیا جاتا ہے تاکہ دائیں بائیں بھی آواز پہنچ سکے اور یہ سنت ہے۔ بعض لوگوں کا خیال ہے کہ یہ وقتی ضرورت تھی جو لاؤڈ سپیکر کی ایجاد سے پوری ہوگئی ہے، لہٰذا اب دائیں بائیں رخ کرنے کی ضرورت نہیں۔ لیکن یہ توجیہ سراسر نبوی طریقۂ کار کے خلاف ہے۔ بظاہر اس میں کوئی حکمت ہو یا نہ ہو، بہرحال نبی صلی اللہ علیہ وسلم کے طریقوں پر عمل پیرا ہونے ہی میں خیر اور بھلائی ہے۔
الحکم التفصیلی:
(قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح. وقد أخرجها مسلم في "صحيحه "
تامّاً، والبخاري وأبوعوانة مختصراً. والرواية الأخرى صحيحة؛ لكن قوله
فيها: (ولم يستدر) شاذ بل منكر. والحديث قال الترمذي: " حسن صحيح "،
وتمام الحديث سيأتي برقم (689) ) .
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا قيس- يعني: ابن الربيع-. (ح) وثنا
محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان جميعاً عن عون بن أبي جُحيَفة
عن أبيه. وقال موسى: قال: رأيت بلالاً... إلخ.
قلت: الإسناد الأول ضعيف؛ لأن قيس بن الربيع- وإن كان ثقة- فهو سيئ
الحفظ، لكن يقويه متابعة سفيان له؛ وإسناد روايته صحيح؛ غير أن قوله:
ولم يستدر... مما تفرد به قيس بن الربيع؛ فهي شاذة. وأما قول النووي في
"المجموع " (3/104) :
" وفي رواية أبي داود: فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ لوى
عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر. وإسناده صحيح "!
فغير صحيح؛ بل هو من أوهامه رحمه الله تعالى! ولعله اختلطت عليه رواية
سفيان الخالية من الاستدارة برواية قيس هذه.
وقد جاءت الاستدارة عن سفيان في بعض الروايات الثابتة عنه؛ كما
سنذكره.
والحديث أخرجه البيهقي (1/395) من طريق المصنف برواية قيس بن الربيع
فقط، وقال:
" هكذا رواه قيس. وخالفه الحجاج بن أرطاة فقال: واستدار في أذانه... "؛
ثم ساق إسناده بذلك، ثم قال:
" ويحتمل أن يكون الحجاج أراد بالاستدارة التفاته في: حي على الصلاة،
حي على الفلاح؛ فيكون موافقاً لسائر الرواة؛ والحجاج بن أرطاة ليس بحجة ".
قلت: وهذا الجمع هو الذي يجب المصير إليه؛ فإن الاستدارة قد ثبتت في
الحديث من طرق أخرى عن عون:
فروى الطبراني من حديث إدريس الآوْدِي عن عون عن أبيه... الحديث؛
وجعل يستدير.
وروى أبو الشيخ الأصيهاني الحديث من جهة حماد بن سلمة وهشيم عن عون
عن أبيه؛ وفيه:
فجعل يستدير يميناً وشمالاً.
ذكره ابن التركماني، والحافظ في "التلخيص " (3/179) .
وقد ثبت في بعض الروايات عن سفيان أيضا، كما يأتي.
ثم إن الحديث أخرجه أحمد (4/308- 309) : ثنا وكيع... به.
ومن طريق أحمد: أخرجه البيهقي (1/395) .
وأخرجه مسلم (2/56) من طرق أخرى عن وكيع... به.
ثم قال أحمد: ثنا عبد الرزاق: أنا سفيان... به، ولفظه:
رأيت بلالاً يؤذن ويدور، وأتتبع فاه ههنا وههنا، وإصبعاه في أذنيه، قال:
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبة له حمراء- أراها من أدم-، قال: فخرج بلال بين يديه
بالعنزة، فركزها، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عبد الرزاق: وسمعته بمكة قال-
بالبطحاء، يمر بين يديه الكلب والمرأة والحمار؛ وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى
بريق ساقيه.
قال سفيان: نراها حِبَرَةً.
ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/202!، وعنه البيهقي.
وأخرجه الترمذي (1/375) من طريق أخرى عن عبد الرزاق، وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وروى البخاري (2/91) ، والدارمي (1/271- 272) ، من طريق محمد بن
يوسف قال: ثنا سفيان... به مختصراً؛ بلفظ:
أنه رأى بلالاً يؤذن، فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان. ثم قال الحاكم:
" حديث صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
وفيه إثبات الدوران في الأذان؛ وهو مما يدل على ضعف رواية قيس بن الربيع
الذي نفى الدوران.
لكن قد ذكر البيهقي أن هذه اللفظة: (ويدور) رواها عبد الرزاق إجازةً عن
سفيان عن عون بن أبي جحيفة... مدرجاً في الحديث. وبيَن ذلك الحافظ في
"الفتح " (2/91) ، فقال:
" فأما قوله: (ويدور) فهو مدرج في رواية سفيان عن عون، بيَن ذلك يحيى
ابن آدم عن سفيان عن عون عن أبيه قال: رأيت بلالاً أذَن، فأتبع فاه ههنا وههنا،
والتفتَ يميناً وشمالاً. قال سفيان: كان حجاجِ- يعني: ابن أرطاة- يذكر لنا عن
عون أنه قال: فاستدار في أذانه، فلما لقينا عونآ؛ لم يذكر فيه الاستدارة. أخرجه
الطبراني وأبو الشيخ من طريق يحيى بن آدم. وكذا أخرجه البيهقي من طريق
عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان، لكن لم يُسَمَ حجاجاً، وهو مشهور عن
حجاج. أخرجه ابن ماجه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وغيرهم من طريقه.
ولم يتفرد به؛ بل وافقه إدريس الأودي ومحمد العرزمي عن عون، لكن الثلاثة
ضعفاء. وقد خالفهم من هو مثلهم أو أمثل، وهو قيس بن الربيع، فرواه عن عون
فقال في حديثه: ولم يستدر. أخرجه أبو داود ".
قلت: ثم ذكر الحافط الجمع بين الروايتين بنحو ما نقلناه عن البيهقي آنفاً، ثم
قال:
" وأما وضع الإصبعين في الأذنين؛ فقد رواه مُؤَفَلٌ عن سفيان. أخرجه أبو
عوانة. وله شواهد ذكرتها في "تغليق التعليق "، أصحها ما رواه أبو داود واين حبان
من طريق أبي سلام الدمشقي أن عبد الله الهوزني حدثه قال: قلت لبلال: كيف
كانت نفقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث، وفيه: قال بلال: فجعلت أصبعي في
أذني فأذنت ".
قلت: الحديث عند المصنف في "الخراج "، وسيأتي إن شاء الله تعالى (رقم
...) ؛ لكن ليس فيه هذا المقدار؛ إلا أن المصنف قد أشار إلى أنه لم يسق
الحديث بتمامه؛ فالظاهر أن هذا مما اختصره، وهو في الطبراني "الكبير"
(1/56/1) ؛ لكن ظاهره أنه ليس في الأذان.
ثم إن كلام الحافظ هذا يشعر أن الاستدارة تفرد بها الثلاثة الضعفاء عن عون،
وعبد الرزاق عن سفيان عنه! وليس كذلك.
أما الأول؛ فقد نقلنا- فيما سبق- عن الحافظ نفسه: أن حماد بن سلمة
وهشيماً قد رويا الاستدارة أيضا.
وأما الآخر؛ فقال ابن التركماني:
" وروى أبو نعيم الحافظ في "مستخرجه "على كتاب البخاري قال: وثنا أبو
أحمد: ثنا المُطَرِّزُ: ثنا بُنْدار ويعقوب قالا:
ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن عون عن أسامة[كذا! والصواب عن
أبيه]: رأى بلالاً يؤذن ويدور... إلى آخره ".
فهذه الطرق تبين أن الاستدارة صحيحة عن عون، وأن نفيها من قيس بن
الربيع وهم منه؛ فكان شاذّاً بل منكراً.
لكن المراد منها الالتفات يميناً وشمالاً، كما سبق عن البيهقي والحافظ. ورواية
حماد وهشيم المتقدمة صريحة في ذلك.
ثم إن الحديث أخرجه أبو عوانة أيضا في "صحيحه " (1/329) مختصراً
كالبخاري؛ لكن من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان.
ثم رواه أتم منه من طريق مؤمل عن سفيان؛ وفيه الزيادة التي عزاها الحافظ
إليه آنفاً.
ورواه ابن حبان في "صحيحه " (4/52) من طريق إسحاق الأزرق عن سفيان.