تشریح:
فائده: مذکورہ روایت کو ہمارے فاضل محقق نے سنداً ضعیف قرار دیا ہے لیکن اس کے موقوف اور مرفوع شواہد کا ذکر کیا ہے۔ جس سے معلوم ہوتا ہے کہ یہ روایت شواہد کی بنا پر قابل عمل اور قابل حجت ہے۔ لہٰذا خطبے کے دوران میں امام کی طرف رخ کرنا مستحب ہے۔ امام بخاری رحمۃ اللہ علیہ نے بھی اپنی صحیح میں یہی مسئلہ بیان کیا ہے۔ اور یہ باب قائم کیا ہے۔ باب استقبال الناس الإمام إذا خطب یعنی دوران خطبہ میں امام لوگوں کی طرف اور لوگ امام کی طرف رخ رکھیں۔ اور ترجمۃ الباب میں حضرت عبداللہ بن عمررضی اللہ تعالیٰ عنہ اور حضرت انس رضی اللہ تعالیٰ عنہ کا عمل بھی یہی نقل کیا ہے۔ (صحیح البخاري، الجمعة، قبل حدیث:921) علاوہ ازیں مذکورہ روایت کوشیخ البانی رحمۃ اللہ علیہ نے بھی صحیح قرار دیا ہے دیکھئے۔ (الصحیحة، رقم الحدیث:2080)
الحکم التفصیلی:
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 110 :
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 2 / 47 ) و ابن حبان في " ثقات
أتباع التابعين " ( 7 / 518 ) من طريق محمد بن القاسم عن مطيع الغزال عن أبيه
عن جده مرفوعا . أورداه في ترجمة مطيع هذا ، و كنياه بأبي الحسن . و روى ابن
أبي حاتم عن ابن معين أنه وثقه ، و عن أبي زرعة أنه قال : " كوفي لا بأس به " .
و ذكر أنه روى عن الشعبي ، و عنه يحيى بن سعيد القطان و وكيع ، و يعلى بن عبيد
و أبو نعيم ، و لم يذكر في الرواة عنه محمد بن القاسم هذا ، كما أنه لم يذكر
أنه روى عن أبيه عن جده ، و إنما ذكر هذا كله في ترجمة أخرى عقب هذه ، فقال :
" مطيع الأنصاري أبو يحيى ، مديني روى عن أبيه عن جده ، و روى عن زيد بن أسلم
و نافع و أبي الزناد ، و روى عنه محمد بن القاسم أبو إبراهيم الأسدي . قال أبي
: مجهول " . و اختصر كلامه هذا الذهبي في " الميزان " و في " الضعفاء " ، فقال
: " مطيع أبو يحيى الأنصاري ، عن نافع مجهول " . و زاد عليه الحافظ في " اللسان
" فقال : " و في " ثقات ابن حبان " : مطيع أبو يحيى العرابي ( ! ) عن أبيه عن
جده قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم .. ( فذكر حديث الترجمة ) و عنه محمد
بن القاسم . قال : و لست أعرفه و لا أباه " . كذا وقع فيه ( أبو يحيى العرابي )
و الظاهر أنه خطأ من الطابع أو الناسخ ، و الصواب ( أبو الحسن الغزال ) .
و قوله : " و لست أعرفه .. " الذي في " الثقات " : " لست أعرف أباه و لا جده "
. و لعله الصواب . ثم قال الحافظ عقب ما تقدم : " قلت : في الصحابة " مطيع بن
الحكم " ، أخرج له ابن منده من طريق مطيع بن فلان بن مطيع بن الحكم عن أبيه عن
جده الأعلى الحديث المذكور أولا . و كذلك أورد ابن عبد البر مطيعا المذكور في
الصحابة ، يكنى أبا مسلم ، شاعر بن شاعر " . قلت : لم أره في " الاستيعاب "
لابن عبد البر ، لا في الأسماء و لا في الكنى ، و لم يورده الحافظ نفسه في أي
منهما في " الإصابة " . فالله أعلم . و جملة القول أن مطيعا الغزال هو غير مطيع
الأنصاري عند ابن أبي حاتم و أبيه ، و ظاهر صنيع البخاري و ابن حبان أنهما واحد
، لأنهما لم يذكرا غيره ، و هو الذي ساقا له عن أبيه عن جده هذا الحديث . فعلة
الحديث إما ممن فوقه و هو ظاهر كلام ابن حبان حيث قال عقبه : " روى عنه محمد بن
القاسم و أهل الكوفة ، لست أعرف أباه و لا جده ، و الخبر ليس بصحيح من طريق
أخرى ، فيعتبر به " . و إما من الراوي عنه محمد القاسم ، و هو أبو إبراهيم
الأسدي الكوفي ، ترجمه ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 65 ) برواية جمع من الثقات عنه ،
و روى عن ابن معين أنه قال : " ثقة ، قد كتبت عنه " . و عن أبي حاتم قال : "
ليس بقوي ، لا يعجبني حديثه " . و بالغ بعضهم في الطعن فيه ، فقال أحمد في "
العلل و المعرفة " ( 1 / 281 / 1813 ) : " يكذب ، أحاديثه أحاديث موضوعة ، ليس
بشيء " . و أشار البخاري في " التاريخ " ( 1 / 1 / 214 ) إلى كلام أحمد هذا فيه
. و قال في " التاريخ الصغير " : " كذبه أحمد " . و ذكر الفسوي في " تاريخه " (
3 / 46 ) عن علي و هو ابن المديني قال : " قد تركت حديث محمد بن القاسم أبي
إبراهيم لا أحدث عنه " . و قال ابن حبان نفسه في " الضعفاء " ( 2 / 288 ) : "
كان ممن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، و يأتي عن الأثبات بما لم يحدثوا
، لا يجوز الاحتجاج به و لا الرواية عنه بحال ، كان ابن حنبل يكذبه " .
قلت : فالعجب منه كيف لم يفصح باسم أحد ممن روى عن شيخه مطيع الغزال من أهل
الكوفة إلا عن هذا المتهم ؟ ! قلت : فهو علة هذا الحديث ، و أما قول ابن حبان :
" و الخبر ليس بصحيح من طريق آخر " . ففيه نظر لأنه قد جاء من طرق يقوي بعضها
بعضا مع شاهد لها في " صحيح البخاري " و إليك البيان : أولا : عن البراء بن
عازب قال : فذكره . أخرجه البيهقي ( 3 / 198 ) من طريق محمد بن علي بن غراب :
حدثنا أبي عن أبان بن عبد الله البجلي عن عدي بن ثابت عنه . قلت : و هذا إسناد
ضعيف ، محمد بن علي بن غراب ، أورده ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 28 ) برواية أخرى
عنه ، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، فهو مجهول الحال . و أبوه علي بن غراب
صدوق مدلس ، و قد عنعنه ، و قد أعله بالمخالفة ، فقال البيهقي : قال ابن خزيمة
: " هذا الخبر عندي معلول ، حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج حدثنا النضر بن
إسماعيل عن أبان بن عبد الله البجلي قال : رأيت عدي بن ثابت يستقبل الإمام
بوجهه إذا قام يخطب ، فقال ( لعله : فقلت ) له : رأيتك تستقبل الإمام بوجهك ؟
قال : رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلونه " . قلت : فأعله ابن خزيمة
بالوقف على الصحابة ، و فيه نظر من وجهين : الأول : أن النضر بن إسماعيل ليس
خيرا من علي بن غراب ، فقد قال فيه الحافظ في " التقريب " : " ليس بالقوي " . و
الآخر : أنه قد خالفه ابن المبارك ، فقال البيهقي عقبه : " و كذلك رواه ابن
المبارك عن أبان بن عبد الله عن عدي بن ثابت ، إلا أنه قال : " هكذا كان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون برسول الله صلى الله عليه وسلم " . ذكره
أبو داود في " المراسيل " عن أبي توبة عن ابن المبارك " . و تعقبه ابن
التركماني في " الجوهر النقي " فقال : " قلت : هذا مسند ، و ليس بمرسل لأن
الصحابة كلهم عدول فلا تضرهم الجهالة " . قلت : و هو كما قال لأن الظاهر أن
عديا تلقاه عن الصحابة ، فهذه متابعة قوية من ابن المبارك لعلي بن غراب ترجح
رواية هذا على رواية النضر بن إسماعيل ، و بذلك تندفع العلة بالوقف ، و يتبين
أنه إسناد جيد ، فإن رجاله عند أبي داود ثقات رجال الشيخين غير أبان بن عبد
الله و هو البجلي الكوفي ، و هو حسن الحديث كما قال الذهبي في " الميزان " . و
قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ، في حفظه لين " . و أبو توبة اسمه الربيع
بن نافع و هو شيخ أبي داود في " المراسيل " ( ق 4 / 2 ) ، و قد تابعه وكيع ،
فقال : عن أبان بن عبد الله البجلي عن عدي بن ثابت قال : فذكره مرسلا ، و قد
عرفت الجواب عنه . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 117 - هندية ) . و
خالف الهيثم بن جميل فقال : حدثنا ابن المبارك عن أبان ابن تغلب عن عدي بن ثابت
عن أبيه قال : فذكره . أخرجه ابن ماجة ( 1 / 349 ) ، و قال البوصيري في "
زوائده " ( ق 72 / 2 ) : " هذا إسناد رجاله ثقات ، إلا أنه مرسل " . قلت : و
فيه أن الهيثم هذا مع كونه حافظا ، فقد قال فيه ابن عدي : " يغلط على الثقات "
. فالظاهر أنه أخطأ على ابن المبارك في موضعين من إسناده ، فقد ذكر أبان بن
تغلب مكان أبان بن عبد الله . و قال : عن عدي بن ثابت عن أبيه . فزاد عن أبيه .
و كل ذلك خطأ مخالف لرواية أبي توبة عن ابن المبارك ، و رواية وكيع عن أبان بن
عبد الله .
ثانيا : قال محمد بن الفضيل بن عطية عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
ابن مسعود قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر
استقبلناه بوجوهنا " . أخرجه الترمذي ( 509 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 3 /
1310 - 1311 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 9991 ) و تمام في " الفوائد "
( 11 / 2 ) و إسماعيل الصفار في " الثاني من حديثه " ( 7 / 2 ) و قال الترمذي :
" و في الباب عن ابن عمر ، و محمد بن الفضل ذاهب الحديث ، و العمل على هذا عند
أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و غيرهم يستحبون استقبال الإمام
إذا خطب . و هو قول سفيان الثوري و الشافعي و أحمد و إسحاق ، و لا يصح في هذا
الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء " . كذا قال ، و فيه نظر لما تقدم من
حديث ابن المبارك ، و للشاهد الآتي . و قوله : " ... عن ابن عمر " لم أره
مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فروى البيهقي بسنده عن أبي عمار ( الأصل :
أبي عامر ) : حدثنا الوليد بن مسلم أخبرني إسماعيل و غيره عن يحيى بن سعيد
الأنصاري قال : " السنة إذا قعد الإمام على المنبر يوم الجمعة يقبل عليه القوم
بوجوههم جميعا " . و بإسناده : حدثنا الوليد قال : فذكرت ذلك لليث بن سعد
فأخبرني عن ابن عجلان أنه أخبره عن نافع : " أن ابن عمر كان يفرغ من سبحته يوم
الجمعة قبل خروج الإمام ، فإذا خرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله " . قلت : و
هذا إسناده جيد ، رجاله مترجمون في " التهذيب " إلى ابن عمار و اسمه الحسين بن
حريث المروزي ، و ما في الأصل خطأ لعله من الطابع أو الناسخ ، فإن الراوي عنه
إبراهيم بن محمد بن الحسن ، و هو ابن متويه الأصبهاني ، و هو مترجم ترجمة حسنة
في " طبقات الأصبهانيين " لأبي الشيخ و " أخبار أصبهان " لأبي نعيم ، و هو من
شيوخ أبي الشيخ ، فقد ذكره المزي في الرواة عن أبي عمار ، كما ذكر هذا في
الرواة عن الوليد بن مسلم . و بالجملة ، فهذا الأثر عن ابن عمر قوي الإسناد ، و
هناك آثار أخرى كثيرة ، أخرجها ابن أبي شيبة في " المصنف " ، و كذا عبد الرزاق
في " مصنفه " ( 3 / 217 - 218 ) من ذلك عند ابن أبي شيبة عن المستمر بن الريان
قال : رأيت أنسا عند الباب الأول يوم الجمعة قد استقبل المنبر . قلت : و إسناده
صحيح على شرط مسلم . و إن مما لا شك فيه أن جريان العمل بهذا الحديث من الصحابة
و من بعدهم لدليل قوي على أن له أصلا أصيلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و
لاسيما أنه يشهد له قول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " جلس رسول الله
صلى الله عليه وسلم على المنبر و جلسنا حوله .. " . أخرجه البخاري ( 921 و 1465
و 2842 و 6427 ) و مسلم ( 3 / 101 - 102 ) و النسائي ( 1 / 360 ) و البيهقي ( 3
/ 198 ) و أحمد ( 3 / 26 و 91 ) من طريق عطاء بن يسار عنه به ، و له عندهم تتمه
فيها : " إنما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا .. " الحديث . و
قد أخرجها دون موضع الشاهد الحميدي في " مسنده " ( 2 / 325 / 740 ) و أبو يعلى
( 1 / 340 ) و قد وقع معزوا في " صحيح الجامع الصغير و زيادته " ( 2313 ) تبعا
لأصله " الفتح الكبير " لـ ( هـ ) أي ابن ماجة و ما أظنه إلا وهما ، فإنه لم
يعزه إليه الحافظ المزي في " التحفة " . ثم رأيته فيه ( برقم 4043 - الدكتور
الأعظمي ) من طريق أخرى عن أبي سعيد مختصرا . هذا و قد أورد البخاري الحديث في
" باب يستقبل الإمام القوم ، و استقبال الناس الإمام إذا خطب ، و استقبل ابن
عمر و أنس رضي الله عنهم الإمام " . ثم أسند تحته حديث أبي سعيد . قال الحافظ
في " الفتح " ( 2 / 402 ) : " و قد استنبط المصنف من الحديث مقصود الترجمة ، و
وجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالبا ، و لا
يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث و
هو جالس على مكان عال و هم جلوس أسفل منه ، و إذا كان ذلك في غير حال الخطبة
كان حال خطبة أولى ، لورود الأمر بالاستماع لها ، و الإنصات عندها " . قال : "
من حكمة استقبالهم التهيؤ لسماع كلامه ، و سلوك الأدب معه في استماع كلامه ،
فإذا استقبله بوجهه و أقبل عليه بجسده و بقلبه و حضور ذهنه كان أدعى لتفهم
موعظته ، و موافقته فيما شرع له القيام لأجله " .
( تنبيه ) : تقدم في أثر أنس أن المستمر بن الريان رآه ، فهذا يدل على أنه من
صغار التابعين ، فهذا ينافي جعل الحافظ إياه في " التقريب " من الطبقة السادسة
، فحقه أن يجعله من الطبقة الخامسة لأنه يصدق عليه قوله في مقدمة " التقريب "
بعد أن ذكر طبقات التابعين : " الخامسة : الطبقة الصغرى منهم الذين رأوا الواحد
و الاثنين و لم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش " . و لأنه لا يصدق عليه
قوله بعدها : " السادسة طبقة عاصروا الخامسة ، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من
الصحابة ، كابن جريج " . لا يقال : لعل الحافظ لم يقف على رؤية المستمر لأنس ،
لأننا نقول : قد ذكر ذلك هو نفسه في " التهذيب " ، فلعله نسي ذلك . و الله أعلم