تشریح:
فوائد و مسائل: مذکورہ روایت کو ہمارے فاضل محقق نے سنداً ضعیف قراردیا ہے جبکہ محققین نے اسے صحیح قرار دیا ہے اور اس پر تفصیلی بحث کی ہے۔ محققین کی تفصیلی بحث سے تصحیح حدیث والی رائے ہی أقرب إلے الصواب معلوم ہوتی ہے لہٰذا مذکورہ روایت سنداً ضعیف ہونے کے باوجود دیگر شواہد کی بناء پر قابل عمل اور قابل حجت ہے۔ مزید تفصیل کے لیے دیکھیے: (الموسوعة الحديثيه مسند الإمام أحمد: ١٢١،١١٩/٨) والصحيحة للألباني رقم: ١٦ وسنن ابن ماجة بتحقيق الدكور بشار عواد رقم :٢٨٢٦)
الحکم التفصیلی:
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 22 :
أخرجه أحمد ( 2 / 358 ) عن ابن لهيعة عن الحسن بن ثوبان عن موسى ابن وردان عنه
قلت : و رجاله موثقون ، غير أن ابن لهيعة سيء الحفظ و قد خالفه في متنه الليث ابن سعد و سعيد بن أبي أيوب عن الحسن بن ثوبان به بلفظ : " أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه " . و هذا عن أبي هريرة أصح و سنده جيد ، رواه أحمد ( 1 / 403 ) . ثم رأيت ابن لهيعة قد رواه بهذا اللفظ أيضا عند ابن السني رقم ( 501 ) . و ابن ماجه ( 2 / 943 رقم 2825 ) فتأكدنا من خطئه في اللفظ الأول . من فوائد الحديث : يستفاد من هذا الحديث الصحيح جملة فوائد :
الأولى : مشروعية التوديع بالقول الوارد فيه " أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " أو يقول : " أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه " . الثانية : الأخذ باليد الواحدة في المصافحة ، و قد جاء ذكرها في أحاديث كثيرة ، و على ما دل عليه هذا الحديث يدل اشتقاق هذه اللفظة في اللغة .
ففي " لسان العرب " : " و المصافحة : الأخذ باليد ، و التصافح مثله ، و الرجل يصافح الرجل : إذا وضع صفح كفه في صفح كفه ، و صفحا كفيهما : وجهاهما ، و منه
حديث المصافحة عند اللقاء ، و هي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف و إقبال الوجه على الوجه " .
قلت : و في بعض الأحاديث المشار إليها ما يفيد هذا المعنى أيضا ، كحديث حذيفة مرفوعا : " إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه و أخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر " . قال المنذري ( 3 / 270 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و رواته لا أعلم فيهم مجروحا " .
قلت : و له شواهد يرقى بها إلى الصحة ، منها : عن أنس عند الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 240 / 1 - 2 ) و عزاه المنذري لأحمد و غيره . فهذه الأحاديث كلها تدل على أن السنة في المصافحة : الأخذ باليد الواحدة فما
يفعله بعض المشايخ من التصافح باليدين كلتيهما خلاف السنة ، فليعلم هذا . الفائدة الثالثة : أن المصافحة تشرع عند المفارقة أيضا و يؤيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم " من تمام التحية المصافحة " و هو حديث جيد باعتبار طرقه و لعلنا نفرد له فصلا خاصا إن شاء الله تعالى ، ثم تتبعت طرقه ، فتبين لي أنها شديدة الضعف ، لا تلصح للاعتبار و تقوية الحديث بها ، و لذلك أوردته في
" السلسلة الأخرى " ( 1288 ) . و وجه الاستدلال بل الاستشهاد به إنما يظهر باستحضار مشروعية السلام عند المفارقة أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم ، و إذا خرج فليسلم ، فليست الأولى بأحق من الأخرى " . رواه أبو داود و الترمذي و غيرهما بسند حسن . فقول بعضهم : إن المصافحة عند المفارقة بدعة مما لا وجه له ، نعم إن الواقف على الأحاديث الواردة في المصافحة عند الملاقاة يجدها أكثر و أقوى من الأحاديث الواردة في المصافحة عند المفارقة ، و من كان فقيه النفس يستنتج من ذلك أن المصافحة الثانية ليست مشروعيتها كالأولى في الرتبة ، فالأولى سنة ، و الأخرى
مستحبة ، و أما أنها بدعة فلا ، للدليل الذي ذكرنا .
و أما المصافحة عقب الصلوات فبدعة لا شك فيها إلا أن تكون بين اثنين لم يكونا قد تلاقيا قبل ذلك فهي سنة كما علمت .