تشریح:
نماز نہ ہونے کا مطلب یہ ہے کہ اسے نماز کا پورا ثواب نہ ملے گا یا وہ اس کی برکات سے محروم رہے گا۔
الحکم التفصیلی:
(قلت: حديث صحيح؛ لكن بلفظ:
" من سمع النداء، فلم يأته؛ فلا صلاة له إلا من عذر ".
وقال النووي: " حديث صحيح "، وقال الحاكم: " هو صحيح على شرط
الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه (2061) .
وصححه أيضا عبد الحق في "أحكامه"، وأبو محمد بن حزم في " المحلى") .
إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا جرير عن أبي جناب عن مَغْراءَ العبدي عن عدي
ابن ثابت عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي جناب
- واسمه: يحيى بن أبي حية الكلبي-، وقد اتفقت كلمات الأئمة على تضعيفه،
وهم على طائفتين: منهم من أطلق فيه الضعف، ومنهم من ضعفه بسبب تدليسه. وقال الحافظ:
" ضعفوه؛ لكثرة تدليسه ".
وشيخه مغراء العبدي- وكنيته أبو الخارق الكوفي-؛ قال الذهبي: "تكلم فيه ".
وذكره ابن حبان في "الثقات".
(3/66)
وقد روى عنه جماعة من الثقات. ونقل أبو العرب التميمي وابن خُلْفون عن العِجْلي أنه قال: " لا بأس به ". وقال ابن القطان: " لم أره في كتاب الكوفي "؛ يعني: العجلي. قال:
" ولا يعرف فيه تجريح "، وأنكر على عبد الحق طعنه في حديثه. كذا في "تهذيب التهذيب ". وفي " التقريب ":
" مقبول ". والله أعلم.
وقال المنذري في "مختصره " (رقم 519) :
" في إسناده أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي؛ وهو ضعيف". وزاد
الحافظ في "التلخيص " (4/304) :
".. ومدلس؛ وقد عنعن "، وقال النووي (4/191) :
" إسناده ضعيف ".
والحديث أخرجه البيهقي (3/75) من طريق المصنف ومحمد بن داود بن
دينار: ثنا أبورجاء قتيبة بن سعيد... به.
وأخرجه الدارقطني (161) من طريق المصنف أيضا.
والحاكم (1/245- 246) من طريق أخرى عن قتيبة، ومن طريق سليمان بن
قرم عن أبي جناب... به.
- لكن الحديث له طريق أخرى صحيحة عن عدي بن ثابت: أخرجه ابن
ماجه (1/265) ، والدارقطني، والحاكم، وابن حبان في "صحيحه " (2061) - عن
(3/67)
عبد الحميد بن بيان-، والحاكم أيضا- عن عمرو بن عون-، والبيهقي (3/174) -
من طريق أحمد: ثنا أبو معمر- ثلاثتهم قالوا: ثنا هُشَيْمُ بن يَشِير: ثنا شعبة ثنا
عدي بن ثابت: ثنا سعيد بن جبير... مرفوعاً باللفظ الذي أوردناه آنفاً (ص 66)
وقال الحاكم:
" هو صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وقال
الحافظ في "بلوغ المرام " (2/27) :
" وإسناده على شرط مسلم؛ لكن رجح بعضهم وقفه "!
قلت: يأتي الجواب عن هذا الترجيح.
ثم إن هشيماً لم يتفرد به؛ بل تابعه قُرَادٌ - واسمه: عبد الرحمن بن غزوان-:
عند الدارقطني والحاكم.
وسعيد بن عامر وأبو سليمان داود بن الحكم: عند الحاكم؛ وقال:
" هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه. وهشيم وقراد أبو نوح ثقتان؛ فإذا وصلاه؛ فالقول فيه
قولهما ". وقال الحافظ في "التلخيص ":
" وإسناده صحيح؛ لكن قال الحاكم: وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة "!
قلت: لكن الحاكم قد أجاب عن ذلك، وهو جواب صالْب، مبني على
القاعدة المسلمة المشهورة: أن زيادة الثقة مقبولة! فكان الأولى بالحافظ أن ينقل تمام
كلام الحاكم على سبيل الحكاية، إذا كان لا يريد أن يتبناه كله!
هذا؛ ومن الغرائب قول الدارقطني:
" رفعه هشيم وقراد- شيخ من البصريين مجهول- "!
(3/68)
ولعله خفي عليه أن قراد إنما هو لقبه وأن اسمه ما ذكرنا آنفاً، وهو ثقة كما قال
الحاكم؛ بل الدارقطني نفسه وثقه في "الجرح والتعديل "، كما نقله في
"التهذيب "؛ وهو من رجال البخاري.
ومتابعه سعيد بن عامر ثقة أيضا؛ وهو الضُّبَعي، من رجال "الصحيحين ".
ولشعبة فيه شيخ آخر: أخرجه قاسم بن أصبغ في كتابه فقال: ثنا إسماعيل
ابن إسحاق القاضي: ثنا سليمان بن حرب: ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت
عن سعيد بن جبير... به مرفوعاً. قال ابن التركماني:
" ذكره عبد الحق في "أحكامه "؛ وقال: حسبك بهذا الإسناد صحة ".
قلت: ورواه ابن حزم في "المحلى" (4/190) من طريق قاسم بن أصبغ، ثم
صححه (ص 191) .
وأخرجه الخطيب في "تاريخه " (6/285) ، والبيهقي (3/174) من طرق أخر
عن إسماعيل بن إسحاق... به. وقال الخطيب:
" قال لنا أبو بكر البرقاني: تفرد به إسماعيل بن إسحاق عن سليمان بن حرب ".
قلت: وهما ثقتان إمامان حافظان؛ فلا يضر تفردهما بالحديث بهذا الإسناد.
ولذلك صححه ابن حزم وابن عبد الحق.
وقد خلط الأستاذ الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المحلى" بين إسناد
شعبة هذا: عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير، وبين إسناده المتقدم:
عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير، فجعلهما إسناداً واحداً من روايته عن
عدي عن سعيد! وهو وهم، تبعته عليه في كتابي "نقد التاج "؛ فليصحح.
(3/69)
كما أن صاحب "التاج " خلط أيضا بين إسناد المصنف للحديث وبين إسناد
ابن ماجه فيه، فجعلها إسناداً واحداً؛ حيث قال (1/268)
" رواه أبو داود، وابن ماجه؛ قال: بسند ضعيف "!
وهذا خلط فاحش؛ حيث أدّى إلى تضعيف الإسناد الصحيح.
وله مثل هذا كثير في الكتاب المذكور ذلك؛ مما حملنا على نقده، وقد فرغنا
من الجزء الأول فيه منذ أمد، ولما يَتَسَنَّ لنا الاستمرار في نقده بلى نهايته! ومن
الله تعالى التوفيق، ومنه نرجو العصمة من الخطأً والزلل.
هذا؛ وللحديث شواهد:
منها: ما أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي
حَصِين عن أبي برْدة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعاً بلفظ:
" من سمع النداء فارغاً صحيحاً، فلم يجب؛ فلا صلاة له ".
وهو على شرط البخاري؛ لولا أن أبا بكر بن عياش سيئ الحفظ. لكنه قد
توبع؛ فقال الحافظ:
" ورواه البزار من طريق قيس بن الربيع عن أبي حَصِين أيضا ".
قلت: فهو صحيح أيضا مرفوعاً؛ وإن صح موقوفاً.
ومن شواهده: ما روى في "الحلية" (9/250) ... بإسناده عن ابن عمر مرفوعاً:
" من سمع الفلاح، فلم يجبه؛ فلا هو معنا، ولا هو وحده ". وقال: "غريب ".
قلت: وفيه من لم أعرفه!
الإرواء (2 / 337) ، التعليق الرغيب (1 / 196)